أسباب المنافسة بين علي وعثمان
  خصف النعل ومنزلة هارون من موسى ومن كنت مولاه وهذا يعسوب الدين ولا فتى إلا علي وأحب خلقك إليك ... وما جرى هذا المجرى مما لا يفصل الأمر ويقطع العذر ويسكت الخصم ويفحم المنازع وثبت الأنصار فادعتها ووثب بنو هاشم فادعوها وقال أبو بكر بايعوا عمر أو أبا عبيدة وقال العباس لعلي امدد يدك لأبايعك وقال قوم ممن رعف به الدهر فيما بعد ولم يكن موجودا حينئذ إن الأمر كان للعباس لأنه العم الوارث وإن أبا بكر وعمر غصباه حقه فهذا أحدهما.
  وأما السبب الثاني للاختلاف فهو جعل عمر الأمر شورى في الستة ولم ينص على واحد بعينه إما منهم أو من غيرهم فبقي في نفس كل واحد منهم أنه قد رشح للخلافة وأهل للملك والسلطنة فلم يزل ذلك في نفوسهم وأذهانهم مصورا بين أعينهم مرتسما في خيالاتهم منازعة إليه نفوسهم طامحة نحوه عيونهم حتى كان من الشقاق بين علي وعثمان ما كان وحتى أفضى الأمر إلى قتل عثمان وكان أعظم الأسباب في قتله طلحة وكان لا يشك أن الأمر له من بعده لوجوه منها سابقته ومنها أنه ابن عم لأبي بكر وكان لأبي بكر في نفوس أهل ذلك العصر منزلة عظيمة أعظم منها الآن ومنها أنه كان سمحا جوادا وقد كان نازع عمر في حياة أبي بكر وأحب أن يفوض أبو بكر الأمر إليه من بعده فما زال يفتل في الذروة والغارب في أمر عثمان وينكر له القلوب ويكدر عليه النفوس ويغري أهل المدينة والأعراب وأهل الأمصار به وساعده الزبير وكان أيضا يرجو الأمر لنفسه ولم يكن رجاؤهما الأمر بدون رجاء علي بل رجاؤهما كان أقوى لأن عليا دحضه الأولان وأسقطاه وكسرا ناموسه بين الناس فصار نسيا منسيا ومات الأكثر ممن يعرف خصائصه التي كانت في أيام النبوة وفضله ونشأ قوم لا يعرفونه ولا يرونه إلا رجلا من عرض المسلمين ولم يبق له مما يمت به إلا أنه ابن عم الرسول وزوج ابنته وأبو سبطيه ونسي ما وراء ذلك كله واتفق له من بغض