شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في الاعتراض وإيراد مثل منه

صفحة 48 - الجزء 9

  وعوازب أحلامها ما ذهب من عقولها عزب عنه الرأي أي بعد.

  ويسني لكم طرقه أي يسهل والعقب بكسر القاف مؤخر القدم وهي مؤنثة.

  فإن قلت فإن قوله حتى تئوب يدل على أن غاية ملكه أن تئوب إلى العرب عوازب أحلامها وعبد الملك مات في ملكه ولم يزل الملك عنه بأوبة أحلام العرب إليها فإن فائدة حتى إلى وهي موضوعة للغاية.

  قلت إن ملك أولاده ملكه أيضا وما زال الملك عن بني مروان حتى آبت إلى العرب عوازب أحلامها والعرب هاهنا بنو العباس ومن اتبعهم من العرب أيام ظهور الدولة كقحطبة بن شبيب الطائي وابنيه حميد والحسن وكبني رزتني بتقديم الراء المهملة الذين منهم طاهر بن الحسين وإسحاق بن إبراهيم المصعبي وعدادهم في خزاعة وغيرهم من العرب من شيعة بني العباس وقد قيل إن أبا مسلم أيضا عربي أصله وكل هؤلاء وآبائهم كانوا مستضعفين مقهورين مغمورين في دولة بني أمية لم ينهض منهم ناهض ولا وثب إلى الملك واثب إلى أن أفاء الله تعالى إلى هؤلاء ما كان عزب عنهم من إبائهم وحميتهم فغاروا للدين والمسلمين من جور بني مروان وظلمهم وقاموا بالأمر وأزالوا تلك الدولة التي كرهها الله تعالى وأذن في انتقالها.

  ثم أمرهم # بأن يلزموا بعد زوال تلك الدولة الكتاب والسنة والعهد القريب الذي عليه باقي النبوة يعني عهده وأيامه # وكأنه خاف من أن يكون بإخباره لهم بأن دولة هذا الجبار ستنقضي إذا آبت إلى العرب عوازب أحلامها كالأمر لهم باتباع ولاة الدولة الجديدة في كل ما تفعله فاستظهر عليهم بهذه الوصية وقال لهم إذا ابتذلت الدولة فالزموا الكتاب والسنة والعهد الذي فارقتكم عليه