شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

150 - ومن خطبة له # ويومئ فيها إلى الملاحم

صفحة 135 - الجزء 9

  يتحكك به في أيام أبي بكر وعمر وعثمان ويتعرض له ولم يكن أحد منهم ولا من غيرهم يقدم على ذلك في حياة رسول الله ولا يمتنع أيضا أن يريد برجوعهم على الأعقاب ارتدادهم عن الإسلام بالكلية فإن كثيرا من أصحابنا يطعنون في إيمان بعض من ذكرناه ويعدونهم من المنافقين وقد كان سيف رسول الله ÷ يقمعهم ويردعهم عن إظهار ما في أنفسهم من النفاق فأظهر قوم منهم بعده ما كانوا يضمرونه من ذلك خصوصا فيما يتعلق بأمير المؤمنين الذي ورد في حقه ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله إلا ببغض علي بن أبي طالب وهو خبر محقق مذكور في الصحاح.

  فإن قلت يمنعك من هذا التأويل قوله ونقلوا البناء عن رص أساسه فجعلوه في غير موضعه وذلك لأن إذا ظرف والعامل فيها قوله رجع قوم على الأعقاب وقد عطف عليه قوله ونقلوا البناء فإذا كان الرجوع على الأعقاب واقعا في الظرف المذكور وهو وقت قبض الرسول وجب أن يكون نقل البناء إلى غير موضعه واقعا في ذلك الوقت أيضا لأن أحد الفعلين معطوف على الآخر ولم ينقل أحد وقت قبض الرسول ÷ البناء إلى معاوية عن أمير المؤمنين # وإنما نقل عنه إلى شخص آخر وفي إعطاء العطف حقه إثبات مذهب الإمامية صريحا.

  قلت إذا كان الرجوع على الأعقاب واقعا وقت قبض النبي ÷ فقد قمنا بما يجب من وجود عامل في الظرف ولا يجب أن يكون نقل البناء إلى غير موضعه واقعا في تلك الحال أيضا بل يجوز أن يكون واقعا في زمان آخر إما بأن تكون الواو للاستئناف لا للعطف أو بأن تكون للعطف في مطلق الحدث لا في وقوع الحدث في عين ذلك الزمان المخصوص كقوله تعالى {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ