شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ترجمة عائشة وذكر طرف من أخبارها

صفحة 195 - الجزء 9

  وبينها وهما متلاصقان أما وجدت مقعدا لكذا لا تكني عنه إلا فخذي ونحو ما روي أنه سايره يوما وأطال مناجاته فجاءت وهي سائرة خلفهما حتى دخلت بينهما وقالت فيم أنتما فقد أطلتما فيقال إن رسول الله ÷ غضب ذلك اليوم وما روي من حديث الجفنة من الثريد التي أمرت الخادم فوقفت لها فأكفأتها ونحو ذلك مما يكون بين الأهل وبين المرأة وأحمائها.

  ثم اتفق أن فاطمة ولدت أولادا كثيرة بنين وبنات ولم تلد هي ولدا وأن رسول الله ÷ كان يقيم بني فاطمة مقام بنيه ويسمي الواحد منهما ابني ويقول دعوا لي ابني ولا تزرموا على ابني وما فعل ابني فما ظنك بالزوجة إذا حرمت الولد من البعل ثم رأت البعل يتمنى بني ابنته من غيرها ويحنو عليهم حنو الوالد المشفق هل تكون محبة لأولئك البنين ولأمهم ولأبيهم أم مبغضة وهل تود دوام ذلك واستمراره أم زواله وانقضاءه.

  ثم اتفق أن رسول الله ÷ سد باب أبيها إلى المسجد وفتح باب صهره ثم بعث أباها ببراءة إلى مكة ثم عزله عنها بصهره فقدح ذلك أيضا في نفسها وولد لرسول الله ÷ إبراهيم من مارية فأظهر علي # بذلك سرورا كثيرا وكان يتعصب لمارية ويقوم بأمرها عند رسول الله ÷ ميلا على غيرها وجرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عائشة فبرأها علي # منها وكشف بطلانها أو كشفه الله تعالى على يده وكان ذلك كشفا محسا بالبصر لا يتهيأ للمنافقين أن يقولوا فيه ما قالوه في القرآن المنزل ببراءة عائشة وكل ذلك مما كان يوغر صدر عائشة عليه ويؤكد ما في نفسها منه ثم مات إبراهيم فأبطنت شماتة وإن أظهرت كآبة