شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ترجمة عائشة وذكر طرف من أخبارها

صفحة 197 - الجزء 9

  المهاجرين والأنصار فكان علي # حينئذ بوصوله إلى الأمر إن حدث برسول الله ÷ حدث أوثق وتغلب على ظنه أن المدينة لو مات لخلت من منازع ينازعه الأمر بالكلية فيأخذه صفوا عفوا وتتم له البيعة فلا يتهيأ فسخها لو رام ضد منازعته عليها فكان من عود أبي بكر من جيش أسامة بإرسالها إليه وإعلامه بأن رسول الله ÷ يموت ما كان ومن حديث الصلاة بالناس ما عرف فنسب علي # عائشة أنها أمرت بلالا مولى أبيها أن يأمره فليصل بالناس لأن رسول الله كما روي قال ليصل بهم أحدهم ولم يعين وكانت صلاة الصبح فخرج رسول الله ÷ وهو في آخر رمق يتهادى بين علي والفضل بن العباس حتى قام في المحراب كما ورد في الخبر ثم دخل فمات ارتفاع الضحى فجعل يوم صلاته حجة في صرف الأمر إليه وقال أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله في الصلاة ولم يحملوا خروج رسول الله ÷ إلى الصلاة لصرفه عنها بل لمحافظته على الصلاة مهما أمكن فبويع على هذه النكتة التي اتهمها علي # على أنها ابتدأت منها.

  وكان علي # يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا ويقول إنه لم يقل ÷ إنكن لصويحبات يوسف إلا إنكارا لهذه الحال وغضبا منها لأنها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما وأنه استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب فلم يجد ذلك ولا أثر مع قوة الداعي الذي كان يدعو إلى أبي بكر ويمهد له قاعدة الأمر وتقرر حاله في نفوس الناس ومن اتبعه على ذلك من أعيان المهاجرين والأنصار ولما ساعد على ذلك من الحظ الفلكي والأمر السمائي الذي جمع عليه القلوب والأهواء فكانت هذه الحال عند علي أعظم من كل عظيم وهي الطامة الكبرى