شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ترجمة عائشة وذكر طرف من أخبارها

صفحة 198 - الجزء 9

  والمصيبة العظمى ولم ينسبها إلا إلى عائشة وحدها ولا علق الأمر الواقع إلا بها فدعا عليها في خلواته وبين خواصه وتظلم إلى الله منها وجرى له في تخلفه عن البيعة ما هو مشهور حتى بايع وكان يبلغه وفاطمة عنها كل ما يكرهانه منذ مات رسول الله ÷ إلى أن توفيت فاطمة وهما صابران على مضض ورمض واستظهرت بولاية أبيها واستطالت وعظم شأنها وانخذل علي وفاطمة وقهرا وأخذت فدك وخرجت فاطمة تجادل في ذلك مرارا فلم تظفر بشيء وفي ذلك تبلغها النساء والداخلات والخارجات عن عائشة كل كلام يسوؤها ويبلغن عائشة عنها وعن بعلها مثل ذلك إلا أنه شتان ما بين الحالين وبعد ما بين الفريقين هذه غالبة وهذه مغلوبة وهذه آمرة وهذه مأمورة وظهر التشفي والشماتة ولا شيء أعظم مرارة ومشقة من شماتة العدو.

  فقلت له | أفتقول أنت إن عائشة عينت أباها للصلاة ورسول الله ÷ لم يعينه فقال أما أنا فلا أقول ذلك ولكن عليا كان يقوله وتكليفي غير تكليفه كان حاضرا ولكم أكن حاضرا فأنا محجوج بالأخبار التي اتصلت بي وهي تتضمن تعيين النبي ÷ لأبي بكر في الصلاة وهو محجوج بما كان قد علمه أو يغلب على ظنه من الحال التي كان حضرها.

  قال ثم ماتت فاطمة فجاء نساء رسول الله ÷ كلهن إلى بني هاشم في العزاء إلا عائشة فإنها لم تأت وأظهرت مرضا ونقل إلى علي # عنها كلام يدل على السرور.

  ثم بايع علي أباها فسرت بذلك وأظهرت من الاستبشار بتمام البيعة واستقرار