شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

المقدمة

صفحة 29 - الجزء 1

  حاملا سيفه مشمرا لحربه وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها كان على سيف عضد الدولة بن بويه وسيف أبيه ركن الدولة صورته، وكان على سيف ألب أرسلان وابنه ملكشاه صورته، كأنهم يتفاءلون به النصر والظفر.

  وما أقول في رجل أحب كل واحد أن يتكثر به وود كل أحد أن يتجمل ويتحسن بالانتساب إليه، حتى الفتوة التي أحسن ما قيل في حدها ألا تستحسن من نفسك ما تستقبحه من غيرك، فإن أربابها نسبوا أنفسهم إليه وصنفوا في ذلك كتبا وجعلوا لذلك إسنادا أنهوه إليه وقصروه عليه وسموه سيد الفتيان، وعضدوا مذهبهم إليه بالبيت المشهور المروي أنه سمع من السماء يوم أحد:

  لا سيف إلا ذو الفقار ... ولا فتى إلا علي

  وما أقول في رجل أبوه أبو طالب سيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة، قالوا: قل، أن يسود فقير وساد أبو طالب وهو فقير لا مال له وكانت قريش تسميه الشيخ.

  وفي حديث عفيف الكندي لما رأى النبي ÷ يصلي في مبدإ الدعوة ومعه غلام وامرأة، قال: فقلت للعباس أي شيء هذا، قال: هذا ابن أخي يزعم أنه رسول من الله إلى الناس ولم يتبعه على قوله إلا هذا الغلام، وهو ابن أخي أيضا وهذه الامرأة وهي زوجته، قال: فقلت: ما الذي تقولونه أنتم.

  قال ننتظر ما يفعل الشيخ، يعنى أبا طالب، وأبو طالب، هو الذي كفل رسول الله ÷ صغيرا، وحماه وحاطه كبيرا ومنعه من مشركي قريش، ولقي لأجله عنتا عظيما وقاسى بلاء شديدا وصبر على نصره والقيام بأمره، وجاء في الخبر أنه لما توفي أبو طالب أوحي إليه #، وقيل له اخرج منها فقد مات ناصرك.

  وله مع شرف هذه الأبوة أن ابن عمه محمد سيد الأولين والآخرين وأخاه جعفر ذو الجناحين الذي قال له رسول الله ÷ أشبهت خلقي وخلقي فمر يحجل