شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر يوم الجمل ومسير عائشة إلى القتال

صفحة 316 - الجزء 9

  قاصدا أما والله ليرونها بلايا عقيمة تنتبه النائم وتقيم الجالس وليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم ويسومونهم سوء العذاب.

  أيها الناس إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه مصتموه كما يماص الثوب الرحيض ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته وخروجه من ذنبه وبايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا وغصبا تراني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه ولا أغضب لعثمان من سيوفكم ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.

  قال فماج الناس واختلطوا فمن قائل القول ما قالت ومن قائل يقول وما هي وهذا الأمر إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها وارتفعت الأصوات وكثر اللغط حتى تضاربوا بالنعال وتراموا بالحصى.

  ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين فريق مع عثمان بن حنيف وفريق مع عائشة وأصحابها.

  قال وحدثنا الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن أبي الخليل قال لما نزل طلحة والزبير المربد أتيتهما فوجدتهما مجتمعين فقلت لهما ناشدتكما الله وصحبة رسول الله ÷ ما الذي أقدمكما أرضنا هذه فلم يتكلما فأعدت عليهما فقالا بلغنا أن بأرضكم هذه دنيا فجئنا نطلبها.