174 - ومن خطبة له #
  سلفهم وإخوتهم وأحبائهم ومناداتها على نفسها بأنها فاعلة بهم ما فعلت بأولئك من الفناء وفراق المألوف.
  قال فدعوا غرورها لتحذيرها وذلك لأن جانب تحذيرها أولى بأن يعمل عليه من جانب غرورها لأن غرورها إنما هو بأمر سريع مع التصرم والانقضاء وتحذيرها إنما هو لأمر جليل عظيم فإن الفناء المعجل محسوس وقد دل العقل والشرائع كافة على أن بعد ذلك الفناء سعادة وشقاوة فينبغي للعاقل أن يحذر من تلك الشقاوة ويرغب في تلك السعادة ولا سبيل إلى ذلك إلا برفض غرور الدنيا على أنه لو لم يكن ذلك لكان الواجب على أهل اللب والبصيرة رفضها لأن الموجود منها خيال فإنه أشبه شيء بأحلام المنام فالتمسك به والإخلاد إليه حمق.
  والخنين صوت يخرج من الأنف عند البكاء وأضافه إلى الأمة لأن الإماء كثيرا ما يضربن فيبكين ويسمع الخنين منهن ولأن الحرة تأنف من البكاء والخنين وزوي قبض.
  ثم ذكر أنه لا يضر المكلف فوات قسط من الدنيا إذا حفظ قائمة دينه يعني القيام بالواجبات والانتهاء عن المحظورات ولا ينفعه حصول الدنيا كلها بعد تضييعه دينه لأن ابتياع لذة متناهية بلذة غير متناهية يخرج اللذة المتناهية من باب كونها نفعا ويدخلها في باب المضار فكيف إذا انضاف إلى عدم اللذة غير المتناهية حصول مضار وعقوبات غير متناهية أعاذنا الله منها.