شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي

صفحة 12 - الجزء 10

  وهذا كقول المسيح # {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}⁣[آل عمران: ٤٩].

  قال إلا أني أخاف أن تكفروا في برسول الله ÷ أي أخاف عليكم الغلو في أمري وأن تفضلوني على رسول الله ÷ بل أخاف عليكم أن تدعوا في الإلهية كما ادعت النصارى ذلك في المسيح لما أخبرهم بالأمور الغائبة.

  ثم قال ألا وإني مفضيه إلى الخاصة أي مفض به ومودع إياه خواص أصحابي وثقاتي الذين آمن منهم الغلو وأعلم أنهم لا يكفرون في بالرسول ÷ لعلمهم أن ذلك من إعلام نبوته إذ يكون تابع من أتباعه وصاحب من أصحابه بلغ إلى هذه المنزلة الجليلة.

  ثم أقسم قسما ثانيا أنه ما ينطق إلا صادقا وأن رسول الله ÷ عهد بذلك كله إليه وأخبره بمهلك من يهلك من الصحابة وغيرهم من الناس وبنجاة من ينجو وبمآل هذا الأمر يعني ما يفضي إليه أمر الإسلام وأمر الدولة والخلافة وأنه ما ترك شيئا يمر على رأسه # إلا وأخبره به وأسره إليه

فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي

  واعلم أنه غير مستحيل أن تكون بعض الأنفس مختصة بخاصية تدرك بها المغيبات وقد تقدم من الكلام في ذلك ما فيه كفاية ولكن لا يمكن أن تكون نفس تدرك كل المغيبات لأن القوة المتناهية لا تحيط بأمور غير متناهية وكل قوة في نفس حادثة فهي متناهية فوجب أن يحمل كلام أمير المؤمنين # لا على أن يريد به عموم العالمية