سياسة علي وجريها على سياسة الرسول #
  ثم بين سبحانه وتعالى أن الذين يستأذنونه في التخلف خارجون من الإيمان فقال له {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ٤٤ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ٤٥}[التوبة: ٤٤ - ٤٥].
  و لا حاجة إلى التطويل بذكر الآيات المفصلة فيما يناسب هذا المعنى فمن تأمل الكتاب العزيز علم حاله ÷ مع أصحابه كيف كانت ولم ينقله الله تعالى إلى جواره إلا وهو مع المنافقين له والمظهرين خلاف ما يضمرون من تصديقه في جهاد شديد حتى لقد كاشفوه مرارا فقال لهم يوم الحديبية احلقوا وانحروا مرارا فلم يحلقوا ولم ينحروا ولم يتحرك أحد منهم عند قوله وقال له بعضهم وهو يقسم الغنائم اعدل يا محمد فإنك لم تعدل.
  وقالت الأنصار له مواجهة يوم حنين أتأخذ ما أفاء الله علينا بسيوفنا فتدفعه إلى أقاربك من أهل مكة حتى أفضى الأمر إلى أن قال لهم في مرض موته ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما لا تضلون بعده فعصوه ولم يأتوه بذلك وليتهم اقتصروا على عصيانه ولم يقولوا له ما قالوا وهو يسمع.
  وكان أبو جعفر | يقول من هذا ما يطول شرحه والقليل منه ينبئ عن الكثير وكان يقول إن الإسلام ما حلا عندهم ولا ثبت في قلوبهم إلا بعد موته حين فتحت عليهم الفتوح وجاءتهم الغنائم والأموال وكثرت عليهم المكاسب وذاقوا طعم الحياة وعرفوا لذة الدنيا ولبسوا الناعم وأكلوا الطيب وتمتعوا بنساء الروم وملكوا خزائن كسرى وتبدلوا بذلك القشف والشظف والعيش الخشن وأكل