سياسة علي وجريها على سياسة الرسول #
  وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}[آل عمران: ١٥٢].
  قال وهم الذين عصوا أمره في غزاة تبوك بعد أن أكد عليهم الأوامر وخذلوه وتركوه ولم يشخصوا معه فأنزل فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ٣٨ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٣٩}[التوبة: ٣٨ - ٣٩] وهذه الآية خطاب مع المؤمنين لا مع المنافقين وفيها أوضح دليل على أن أصحابه وأولياءه المصدقين لدعوته كانوا يعصونه ويخالفون أمره وأكد عتابهم وتقريعهم وتوبيخهم بقوله تعالى {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}[التوبة: ٤٢].
  ثم عاتب رسول الله ÷ على كونه أذن لهم في التخلف وإنما أذن لهم لعلمه أنهم لا يجيبونه في الخروج فرأى أن يجعل المنة له عليهم في الإذن لهم وإلا قعدوا عنه ولم تصل له المنة فقال له عَفَا اَللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ اَلْكاذِبِينَ أي هلا أمسكت عن الإذن لهم حتى يتبين لك قعود من يقعد وخروج من يخرج صادقهم من كاذبهم لأنهم كانوا قد وعدوه بالخروج معه كلهم وكان بعضهم ينوي الغدر وبعضهم يعزم على أن يخيس بذلك الوعد فلو لم يأذن لهم لعلم من يتخلف ومن لا يتخلف فعرف الصادق منهم والكاذب.