شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها

صفحة 233 - الجزء 10

  انحصت منه شعرة واحدة لأضربنك بمائة ألف سيف وقد ذكرنا شيئا مما جرى بينهما فيما تقدم.

  وأما قول ابن عباس له # وله شهرا واعزله دهرا وما أشار به المغيرة بن شعبة فإنهما ما توهماه وما غلب على ظنونهما وخطر بقلوبهما وعلي # كان أعلم بحاله مع معاوية وأنها لا تقبل العلاج والتدبير وكيف يخطر ببال عارف بحال معاوية ونكره ودهائه وما كان في نفسه من علي # من قتل عثمان ومن قبل قتل عثمان أنه يقبل إقرار علي # له على الشام وينخدع بذلك ويبايع ويعطي صفقة يمينه إن معاوية لأدهى من أن يكاد بذلك وإن عليا # لأعرف بمعاوية ممن ظن أنه لو استماله بإقراره لبايع له ولم يكن عند علي # دواء لهذا المرض إلا السيف لأن الحال إليه كانت تئول لا محالة فجعل الآخر أولا.

  وأنا أذكر في هذا الموضع خبرا رواه الزبير بن بكار في الموفقيات ليعلم من يقف عليه أن معاوية لم يكن لينجذب إلى طاعة علي # أبدا ولا يعطيه البيعة وأن مضادته له ومباينته إياه كمضادة السواد للبياض لا يجتمعان أبدا وكمباينة السلب للإيجاب فإنها مباينة لا يمكن زوالها أصلا قال الزبير حدثني محمد بن زكريا بن بسطام قال حدثني محمد بن يعقوب بن أبي الليث قال حدثني أحمد بن محمد بن الفضل بن يحيى المكي عن أبيه عن جده الفضل بن يحيى عن الحسن بن عبد الصمد عن قيس بن عرفجة قال لما حصر عثمان أبرد مروان بن الحكم بخبره بريدين أحدهما إلى الشام والآخر إلى اليمن وبها يومئذ يعلى بن منية ومع كل واحد منهما كتاب فيه أن بني أمية في الناس كالشامة