شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها

صفحة 249 - الجزء 10

  والجواب أنه ليس يمكن أن يقال إن محمدا | لم يكن بأهل لولاية مصر لأنه كان شجاعا زاهدا فاضلا صحيح العقل والرأي وكان مع ذلك من المخلصين في محبة أمير المؤمنين # والمجتهدين في طاعته وممن لا يتهم عليه ولا يرتاب بنصحه وهو ربيبه وخريجه ويجري مجرى أحد أولاده # لتربيته له وإشفاقه عليه.

  ثم كان المصريون على غاية المحبة له والإيثار لولايته ولما حاصروا عثمان وطالبوه بعزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح عنهم اقترحوا تأمير محمد بن أبي بكر عليهم فكتب له عثمان بالعهد على مصر وصار مع المصريين حتى تعقبه كتاب عثمان إلى عبد الله بن سعد في أمره وأمر المصريين بما هو معروف فعادوا جميعا وكان من قتل عثمان ما كان فلم يكن ظاهر الرأي ووجه التدبير إلا تولية محمد بن أبي بكر على مصر لما ظهر من ميل المصريين إليه وإيثارهم له واستحقاقه لذلك بتكامل خصال الفضل فيه فكان الظن قويا باتفاق الرعية على طاعته وانقيادهم إلى نصرته واجتماعهم على محبته فكان من فساد الأمر واضطرابه عليه حتى كان ما كان وليس ذلك يعيب على أمير المؤمنين # فإن الأمور إنما يعتمدها الإمام على حسب ما يظن فيها من المصلحة ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى.

  وقد ولى رسول الله ÷ في مؤتة جعفرا فقتل وولى زيدا فقتل وولى عبد الله بن رواحة فقتل وهزم الجيش وعاد من عاد منهم إلى المدينة بأسوإ حال فهل لأحد أن يعيب رسول الله ÷ بهذا ويطعن في تدبيره.

  ومنها قولهم إن جماعة من أصحابه # فارقوه وصاروا إلى معاوية كعقيل بن أبي طالب أخيه والنجاشي شاعره ورقبة بن مصقلة أحد الوجوه من أصحابه ولو لا أنه