شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها

صفحة 255 - الجزء 10

  والجواب أما على مذهبنا فإنه لم يكن # منصوصا عليه وإنما كان يدعيها بالأفضلية والقرابة والسابقة والجهاد ونحو ذلك من الخصائص فلما وقعت بيعة أبي بكر رأى هو علي # أن الأصلح للإسلام ترك النزاع وأنه يخاف من النزاع حدوث فتنة تحل معاقد الملة وتزعزع أركانها فحضر وبايع طوعا ووجب علينا بعد مبايعته ورضاه أن نرضى بمن رضي هو # ونطيع من أطاعه لأنه القدوة وأفضل من تركه ÷ بعده.

  وأما الإمامية فلهم عن ذلك جواب آخر معروف من قواعدهم.

  ومنها قولهم إنه قصر في الرأي حيث دخل في الشورى لأنه جعل نفسه بدخوله فيها نظيرا لعثمان وغيره من الخمسة وقد كان الله تعالى رفعه عنهم وعلى من كان قبلهم فوهن بذلك قدره وطأطأ من جلالته ألا ترى أنه يستهجن ويقبح من أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله أن يجعلا أنفسهما نظراء لبعض من بدأ طرفا من الفقه ويستهجن ويقبح من سيبويه والأخفش أن يوازيا أنفسهما بمن يعلم أبوابا يسيرة من النحو.

  الجواب أنه # وإن كان أفضل من أصحاب الشورى فإنه كان يظن أن ولي الأمر أحدهم بعد عمر لا يسير سيرة صالحة وأن تضطرب بعض أمور الإسلام وقد كان يثني على سيرة عمر ويحمدها فواجب عليه بمقتضى ظنه أن يدخل معهم فيما أدخله عمر فيه توقعا لأن يفضي الأمر إليه فيعمل بالكتاب والسنة ويحيي معالم رسول الله ÷ وليس اعتماد ما يقتضيه الشرع مما يوجب نقصا في الرأي فلا تدبير أصح ولا أسد من تدبير الشرع.