ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها
  ومنها قولهم إنه ما أصاب حيث أقام بالمدينة وعثمان محصور وقد كان يجب في الرأي أن يخرج عنها بحيث لا تنوط بنو أمية به دم عثمان فإنه لو كان بعيدا عن المدينة لكان من قذفهم إياه بذلك أبعد وعنه أنزه.
  والجواب أنه لم يكن يخطر له مع براءته من دم عثمان أن أهل الفساد من بني أمية يرمونه بأمره والغيب لا يعلمه إلا الله وكان يرى مقامه بالمدينة أدعى إلى انتصار عثمان على المحاصرين له فقد حضر هو بنفسه مرارا وطرد الناس عنه وأنفذ إليه ولديه وابن أخيه عبد الله ولو لا حضور علي # بالمدينة لقتل عثمان قبل أن يقتل بمدة وما تراخي أمره وتأخر قتله إلا لمراقبة الناس له حيث شاهدوه ينتصر له ويحامي عنه.
  ومنها قولهم كان يجب في مقتضى الرأي حيث قتل عثمان أن يغلق بابه ويمنع الناس من الدخول إليه فإن العرب كانت تضطرب اضطرابة ثم تئول إليه لأنه تعين للأمر بحكم الحال الحاضرة فلم يفعل وفتح بابه وترشح للأمر وبسط له يده فلذلك انتقضت عليه العرب من أقطارها.
  والجواب أنه # كان يرى أن القيام بالأمر يومئذ فرض عليه لا يجوز له الإخلال به لعدم من يصلح في ظنه للخلافة فما كان يجوز له أن يغلق بابه ويمتنع وما الذي كان يومئذ أن يبايع الناس طلحة أو الزبير أو غيرهما ممن لا يراه أهلا للأمر فقد كان عبد الله بن الزبير يومئذ يزعم أن عثمان عهد إليه بالخلافة وهو محصور وكان مروان يطمع أن ينحاز إلى طرف من الأطراف فيخطب لنفسه بالخلافة وله من بني أمية شيعة وأصحاب بشبهة أنه ابن عم عثمان وأنه كان يدبر أمر الخلافة على عهده وكان معاوية يرجو أن ينال الخلافة لأنه من بني أمية وابن عم عثمان وأمير الشام عشرين سنة وقد كان قوم من بني أمية يتعصبون لأولاد عثمان المقتول ويرومون إعادة الخلافة فيهم