شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أخبار طلحة والزبير

صفحة 16 - الجزء 11

  ومن حصول الدنيا من قبله قلبا له ظهر المجن فكاشفاه وعاتباه قبل المفارقة عتابا لاذعا روى شيخنا أبو عثمان قال أرسل طلحة والزبير إلى علي # قبل خروجهما إلى مكة مع محمد بن طلحة وقالا لا تقل له يا أمير المؤمنين ولكن قل له يا أبا الحسن لقد فال فيك رأينا وخاب ظننا أصلحنا لك الأمر ووطدنا لك الإمرة وأجلبنا على عثمان حتى قتل فلما طلبك الناس لأمرهم أسرعنا إليك وبايعناك وقدنا إليك أعناق العرب ووطئ المهاجرون والأنصار أعقابنا في بيعتك حتى إذا ملكت عنانك استبددت برأيك عنا ورفضتنا رفض التريكة وأذلتنا إذالة الإماء وملكت أمرك الأشتر وحكيم بن جبلة وغيرهما من الأعراب ونزاع الأمصار فكنا فيما رجوناه منك وأملناه من ناحيتك كما قال الأول

  فكنت كمهريق الذي في سقائه

  لرقراق آل فوق رابية صلد

  فلما جاء محمد بن طلحة أبلغه ذاك فقال اذهب إليهما فقل لهما فما الذي يرضيكما فذهب وجاءه فقال إنهما يقولان ول أحدنا البصرة والآخر الكوفة فقال لاها الله إذن يحلم الأديم ويستشرى الفساد وتنتقض على البلاد من أقطارها والله إني لا آمنهما وهما عندي بالمدينة فكيف آمنهما وقد وليتهما العراقين اذهب إليهما فقل أيها الشيخان احذرا من سطوة الله ونقمته ولا تبغيا للمسلمين غائلة وكيدا وقد سمعتما قول الله تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٨٣}⁣[القصص: ٨٣] فقام محمد بن طلحة فأتاهما ولم يعد إليه وتأخرا عنه أياما ثم جاءاه فاستأذناه في الخروج إلى مكة للعمرة فأذن لهما بعد أن أحلفهما