شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

210 - ومن خطبة له #

صفحة 102 - الجزء 11

  فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ وَلاَ آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اَللَّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي فَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ اَلضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى وَأَعْطَانَا اَلْبَصِيرَةَ بَعْدَ اَلْعَمَى هذا الفصل وإن لم يكن فيه ألفاظ غريبة سبيلها أن تشرح ففيه معان مختلفة سبيلها أن تذكر وتوضح وتذكر نظائرها وما يناسبها.

  فمنها قوله # إن من حق من عظمت نعمة الله عليه أن تعظم عليه حقوق الله تعالى وأن يعظم جلال الله تعالى في نفسه ومن حق من كان كذلك أن يصغر عنده كل ما سوى الله.

  وهذا مقام جليل من مقامات العارفين وهو استحقار كل ما سوى الله تعالى وذلك أن من عرف الله تعالى فقد عرف ما هو أعظم من كل عظيم بل لا نسبة لشيء من الأشياء أصلا إليه سبحانه فلا يظهر عند العارف عظمة غيره البتة كما أن من شاهد الشمس المنيرة يستحقر ضوء القمر والسراج الموضوع في ضوء الشمس حال مشاهدته جرم الشمس بل لا تظهر له في تلك الحال صنوبرة السراج ولا تنطبع صورتها في بصره.

  ومنها قوله # من أسخف حالات الولاة أن يظن بهم حب الفخر ويوضع