شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أهل العراق وخطب الحجاج فيهم

صفحة 347 - الجزء 1

  ثم قال: بل أنتم يا أهل الشام، كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ١٧١ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ١٧٢ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ١٧٣}⁣[الصافات: ١٧١ - ١٧٣].

  وخطب مرة بعد موت أخيه وابنه قال: بلغني أنكم تقولون يموت الحجاج، ومات الحجاج فمه وما كان ما ذا والله ما أرجو الخير كله إلا بعد الموت، وما رضي الله البقاء إلا لأهون المخلوقين عليه إبليس: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٤ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ١٥}⁣[الأعراف: ١٤ - ١٥]، ثم قال: يا أهل العراق، أتيتكم وأنا ذو لمة وافرة أرفل فيها فما زال بي شقاقكم وعصيانكم حتى حص شعري، ثم كشف رأسه وهو أصلع وقال:

  من يك ذا لمة يكشفها ... فإنني غير ضائري زعري

  لا يمنع المرء أن يسود وأن ... يضرب بالسيف قلة الشعر

  فأما قوله #: (اللهم أبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني، ولا خير فيهم ولا شر فيه)، # فإن أفعل هاهنا بمنزلته في قوله تعالى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[فصلت: ٤٠] وبمنزلته في قوله: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ}⁣[الفرقان: ١٥].