شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بيان أحوال العارفين

صفحة 211 - الجزء 11

  يغلبني شوقي فأطوى السرى ... ولم يزل ذو الشوق مغلوبا

  وقيل من صفات المريدين التحبب إليه بالتوكل والإخلاص في نصيحة الأمة والأنس بالخلوة والصبر على مقاساة الأحكام والإيثار لأمره والحياء من نظره وبذل المجهود في محبته والتعرض لكل سبب يوصل إليه والقناعة بالخمول وعدم الفرار من القلب إلى أن يصل إلى الرب.

  وقال بعضهم آفة المريد ثلاثة أشياء التزويج وكتبه الحديث والأسفار.

  وقيل من حكم المريد أن يكون فيه ثلاثة أشياء نومه غلبة وأكله فاقة وكلامه ضرورة.

  وقال بعضهم نهاية الإرادة أن يشير إلى الله فيجده مع الإشارة فقيل له وأي شيء يستوعب الإرادة فقال أن يجد الله بلا إشارة.

  وسئل الجنيد ما للمريدين وسماع القصص والحكايات فقال الحكايات جند من جند الله تعالى يقوي بها قلوب المريدين فقيل له هل في ذلك شاهد فتلا قوله تعالى {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}⁣[هود: ١٢٠].

  و قال أصحاب الطريقة بين المريد والمراد فرق فالمريد من سلك الرياضة طلبا للوصول والمراد من فاضت عليه العناية الإلهية ابتداء فكان مخطوبا لا خاطبا وبين الخاطب والمخطوب فرق عظيم.

  قالوا كان موسى # مريدا قال {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ٢٥}⁣[طه: ٢٥] وكان محمد ÷ مرادا قال له {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ١}⁣[الشرح: ١] وسئل الجنيد عن