بيان أحوال العارفين
  زاهد خراسان فرد إليه يعتذر فقال إبراهيم إنك لما ضربتني سألت الله لك الجنة.
  قال لم سألت ذلك قال علمت أني أوجر على ضربك لي فلم أرد أن يكون نصيبي منك الخير ونصيبك مني الشر.
  وقال بعض أصحاب الجنيد قدمت من مكة فبدأت بالشيخ كي لا يتعنى إلي فسلمت عليه ثم مضيت إلى منزلي فلما صليت الصبح في المسجد إذا أنا به خلفي في الصف فقلت إنما جئتك أمس لئلا تتعنى فقال ذلك فضلك وهذا حقك.
  كان أبو ذر على حوض يسقي إبله فزاحمه إنسان فكسر الحوض فجلس أبو ذر ثم اضطجع فقيل له في ذلك فقال أمرنا رسول الله ÷ إذا غضب الرجل وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه وإلا فليضطجع.
  دعا إنسان بعض مشاهير الصوفية إلى ضيافة فلما حضر باب داره رده واعتذر إليه ثم فعل به مثل ذلك وثانية وثالثة والصوفي لا يغضب ولا يضجر فمدحه ذلك الإنسان وأثنى عليه بحسن الخلق فقال إنما تمدحني على خلق تجد مثله في الكلب إن دعوته حضر وإن زجرته انزجر.
  مر بعضهم وقت الهاجرة بسكة فألقى عليه من سطح طست رماد فغضب من كان في صحبته فقال لا تغضبوا من استحق أن يصب عليه النار فصولح على الرماد لم تجز له أن يغضب.
  كان لبغض الخياطين جار يدفع إليه ثيابا فيخيطها ويدفع إليه أجرتها دراهم زيوفا فيأخذها فقام يوما من حانوته واستخلف ولده فجاء الجار بالدراهم الزائفة فدفعها إلى الولد فلم يقبلها فأبدلها بدراهم جيدة فلما جاء أبوه دفع إليه الدراهم فقال ويحك هل جرى بينك وبينه أمر قال نعم إنه أحضر الدراهم زيوفا فرددتها فأحضر هذه