ومنها الفقر وهو شعار الصالحين
  وهذا هو السر في قوله تعالى {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٩٤}[البقرة: ٩٤] أي أن من كان صاحب محبة يتمنى لقاء محبوبه فمن لا يتمنى ذلك لا يكون صادق المحبة.
  قيل لبعض الصوفية هل تشتاق إليه فقال إنما الشوق إلى غائب وهو حاضر لا يغيب.
  وقالوا في قوله تعالى {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ}[العنكبوت: ٥] إنه تطيب لقلوب المشتاقين.
  ويقال إنه مكتوب في بعض كتب النبوات القديمة شوقناكم فلم تشتاقوا وزمرنا لكم فلم ترقصوا وخوفناكم فلم ترهبوا ونحنا لكم فلم تحزنوا وقيل إن شعيبا بكى حتى عمي فرد الله إليه بصره ثم بكى حتى عمي فرد عليه بصره ثم كذلك ثلاثا فقال الله تعالى إن كان هذا البكاء شوقا إلى الجنة فقد أبحتها لك وإن كان خوفا من النار فقد أجرتك منها فقال وحقك لا هذا ولا هذا ولكن شوقا إليك فقال له لأجل ذلك أخدمتك نبيي وكليمي عشر سنين.
  ومنها الزهد ورفض الدنيا قال سبحانه {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[طه: ١٣١] وجاء في الخبر أن يوسف # كان يجوع في سني الجدب فقيل له أتجوع وأنت على خزائن مصر فقال أخاف أن أشبع فأنسى الجياع وكذلك
  قال علي # وقد قيل له أهذا لباسك وهذا مأكولك وأنت أمير