شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر بعض الآثار والأشعار الواردة في ذم الدنيا

صفحة 265 - الجزء 11

  ومن شعره الجيد أيضا في ذكر الدنيا ومصائبها:

  أو ما رأيت وقائع الدهر ... أفلا تسيء الظن بالعمر

  بينا الفتى كالطود تكنفه ... هضباته والعضب ذي الأثر

  يأبى الدنية في عشيرته ... ويجاذب الأيدي على الفخر

  وإذا أشار إلى قبائله ... حشدت عليه بأوجه غر

  يترادفون على الرماح فهم ... سيل يعب وعارض يسري

  إن نهنهوا زادوا مقاربة ... فكأنما يدعون بالزجر

  عدد النجوم إذا دعي بهم ... يتزاحمون تزاحم الشعر

  عقدوا على الجلى مآزرهم ... سبطي الأنامل طيبي النشر

  زل الزمان بوطء أخمصه ... ومواطئ الأقدام للعثر

  نزع الإباء وكان شملته ... وأقر إقرارا على صغر

  صدع الردى أعيا تلاحمه ... من ألحم الصدفين بالقطر

  جر الجياد على الوجى ومضى ... أمما يدق السهل بالوعر

  حتى التقى بالشمس مغمدة ... في قعر منقطع من البحر

  ثم انثنت كف المنون به ... كالضغث بين الناب والظفر

  لم تشتجر عنه الرماح ولا ... رد القضاء بماله الدثر

  جمع الجنود وراءه فكأنما ... لاقته وهو مضيع الظهر

  وبنى الحصون تمنعا فكأنما ... أمسى بمضيعة وما يدري

  وبري المعابل للعدا فكأنما ... لحمامه كان الذي يبري