شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

تاريخ موت عمر والأخبار الواردة في ذلك

صفحة 192 - الجزء 12

  قال أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ÷ وأبي بكر فذلك مما من الله به علي وأما ما ترى من جزعي فو الله لو أن لي بما في الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه وفي رواية لافتديت به من هول المطلع وفي رواية المغرور من غررتموه لو أن لي ما على ظهرها من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع وفي رواية في الإمارة على تثني يا ابن عباس قلت وفي غيرها قال والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها لا حرج ولا وزر وفي رواية لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من كرب ساعة يعني الموت كيف ولم أرد الناس بعد وفي رواية لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر.

  قال ابن عباس فسمعنا صوت أم كلثوم وا عمراه وكان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاء فقال عمر ويلم عمر إن الله لم يغفر له فقلت والله إني لأرجو إلا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}⁣[مريم: ٧١] إن كنت ما علمنا لأمير المؤمنين وسيد المسلمين تقضي بالكتاب وتقسم بالسوية.

  فأعجبه قولي فاستوى جالسا فقال أتشهد لي بهذا يا ابن عباس فكععت أي جبنت فضرب علي # بين كتفي وقال اشهد وفي رواية لم تجزع يا أمير المؤمنين فو الله لقد كان إسلامك عزا وإمارتك فتحا ولقد ملأت الأرض عدلا فقال أتشهد لي بذلك يا ابن عباس قال فكأنه كره الشهادة فتوقف فقال له علي # قل نعم وأنا معك فقال نعم.

  وفي رواية أنه قال مسست جلده وهو ملقى فقلت جلد لا تمسه النار أبدا فنظر إلي نظرة جعلت أرثي له منها قال وما علمك بذلك قلت صحبت رسول الله ÷ فأحسنت صحبته الحديث فقال لو أن لي ما في الأرض لافتديت