فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه
  حتى قال له أبو بكر إن الله وعده بذلك وسيفعله وتلا عليه ما تلا فأيقن عند ذلك بموته وإنما ظن أن موته يتأخر عن ذلك الوقت لا أنه منع من موته.
  ثم سأل قاضى القضاة نفسه فقال فإن قيل فلم قال لأبي بكر عند قراءة الآية كأني لم أسمعها ووصف نفسه بأنه أيقن بالوفاة.
  وأجاب بأن قال لما كان الوجه في ظنه ما أزال أبو بكر الشبهة فيه جاز أن يتيقن ثم سأل نفسه عن سبب يقينه فيما لا يعلم إلا بالمشاهدة.
  وأجاب بأن قرينة الحال عند سماع الخبر أفادته اليقين ولو لم يكن في ذلك إلا خبر أبي بكر وادعاؤه لذلك والناس مجتمعون لحصل اليقين.
  وقوله كأني لم أقرأ هذه الآية أو لم أسمعها تنبيه على ذهوله عن الاستدلال بها لا أنه على الحقيقة لم يقرأها ولم يسمعها ولا يجب فيمن ذهب عن بعض أحكام الكتاب ألا يعرف القرآن لأن ذلك لو دل لوجب ألا يحفظ القرآن إلا من يعرف جميع أحكامه ثم ذكر أن حفظ القرآن كله غير واجب ولا يقدح الإخلال به في الفضل.
  وحكي عن الشيخ أبي علي أن أمير المؤمنين # لم يحط علمه بجميع الأحكام ولم يمنع ذلك من فضله واستدل بما روي من قوله كنت إذا سمعت من رسول الله ÷ حديثا نفعني الله به ما شاء أن ينفعني وإذا حدثني غيره أحلفته فإن حلف لي صدقته وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر وذكر أنه لم يعرف أي موضع يدفن فيه رسول الله ÷ حتى رجع إلى ما رواه أبو بكر وذكر قصة الزبير في موالي صفية وأن أمير المؤمنين # أراد أن يأخذ ميراثهم كما أن عليه أن يحمل عقلهم حتى أخبره عمر بخلاف ذلك من أن الميراث للأب والعقل على العصبة.