الطعن الأول
  ثم سأل نفسه فقال كيف يجوز ما ذكرتم على أمير المؤمنين # مع قوله سلوني قبل أن تفقدوني وقوله إن هاهنا علما جما يومئ إلى قلبه وقوله لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل القرآن بقرآنهم وقوله كنت إذا سئلت أجبت وإذا سكت ابتدئت.
  وأجاب عن ذلك بأن هذا إنما يدل على عظم المحل في العلم من غير أن يدل على الإحاطة بالجميع.
  وحكي عن أبي علي استبعاده ما روي من قوله لو ثنيت الوسادة قال لأنه لا يجوز أن يصف نفسه بأنه يحكم بما لا يجوز ومعلوم أنه # لا يحكم بين الجميع إلا بالقرآن ثنيت له الوسادة أو لم تثن وهذا يدل على أن الخبر موضوع.
  فاعترض الشريف المرتضى فقال ليس يخلو خلاف عمر في وفاة رسول الله ÷ من أن يكون على سبيل الإنكار لموته على كل حال والاعتقاد بأن الموت لا يجوز عليه على كل وجه أو يكون منكرا لموته في تلك الحال من حيث لم يظهر دينه على الدين كله وما أشبه ذلك مما قال صاحب الكتاب أنها كانت شبهة في تأخر موته عن تلك الحال.
  فإن كان الوجه الأول فهو مما لا يجوز خلاف العقلاء في مثله والعلم بجواز الموت على سائر البشر لا يشك فيه عاقل والعلم من دينه # بأنه سيموت كما مات من قبله ضروري وليس يحتاج في مثل هذا إلى الآيات التي تلاها أبو بكر من قوله تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر: ٣٠] وما أشبهها وإن كان خلافه على الوجه الثاني تأول ما فيه أن هذا الخلاف لا يليق بما احتج به أبو بكر من قوله تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ٣٠}[الزمر: ٣٠] لأنه لم ينكر على هذا جواز الموت وإنما خالف في تقدمه وقد كان يجب أن يقول له وأي حجة في هذه الآيات على