شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن السادس

صفحة 229 - الجزء 12

  السكوت لا يكون طعنا ولو كان ذلك طعنا وقد ظهر أمره لأمير المؤمنين # لما ولاه فارس ولما ائتمنه على أموال الناس ودمائهم.

  اعترض المرتضى فقال إنما نسب إلى تعطيل الحد من حيث كان في حكم الثابت وإنما بتلقينه لم تكمل الشهادة لأن زيادا ما حضر إلا ليشهد بما شهد به أصحابه وقد صرح بذلك كما صرحوا قبل حضورهم ولو لم يكن هذا لما شهد القوم قبله وهم لا يعلمون هل حاله في ذلك الحكم كحالهم لكنه أحجم في الشهادة لما رأى كراهية متولي الأمر لكمالها وتصريحه بأنه لا يريد أن يعمل بموجبها.

  ومن العجائب أن يطلب الحيلة في دفع الحد عن واحد وهو لا يندفع إلا بانصرافه إلى ثلاثة فإن كان درء الحد والاحتيال في دفعه من السنن المتبعة فدرؤه عن ثلاثة أولى من درئه عن واحد.

  وقوله إن دفع الحد عن المغيرة ممكن ودفعه عن ثلاثة وقد شهدوا غير ممكن طريف لأنه لو لم يلقن الشاهد الرابع الامتناع عن الشهادة لاندفع الحد عن الثلاثة وكيف لا تكون الحيلة ممكنة فيما ذكره.

  وقوله إن المغيرة يتصور بصورة زان لو تكاملت الشهادة وفي هذا من الفضيحة ما ليس في حد الثلاثة غير صحيح لأن الحكم في الأمرين واحد لأن الثلاثة إذا حدوا يظن بهم الكذب وإن جوز أن يكونوا صادقين والمغيرة لو تكاملت الشهادة عليه بالزناء لظن به ذلك مع التجويز لأن يكون الشهود كذبه وليس في أحد إلا ما في الآخر.

  وما روي عنه # من أنه أتي بسارق فقال له لا تقر إن كان صحيحا لا يشبه ما نحن فيه لأنه ليس في دفع الحد عن السارق إيقاع غيره في المكروه.

  وقصة المغيرة تخالف هذا لما ذكرناه.