الطعن التاسع
  بالرضا بمن يختاره ولا يجب القدح في الأفعال بالظنون بل يجب حملها على ظاهر الصحة دون الاحتمال كما يجب مثله في غيرها ويجب إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي حسن الظن به أن يحمل فعله على ما يطابقها وقد علمنا أن حال عمر وما كان عليه من النصيحة للمسلمين منع من صرف أمره في الشورى إلى الأغراض التي يظنها أعداؤه فلا يصح لهم أن يقولوا كان مراده في الشورى بأن يجعل الأمر إلى الفرقة التي فيها عبد الرحمن عند الخلاف أن يتم الأمر لعثمان لأنه لو كان هذا مراده لم يكن هناك ما يمنعه من النص على عثمان كما لم يمنع ذلك أبا بكر لأن أمره إن لم يكن أقوى من أمر أبي بكر لم ينقص عنه وليس ذلك بدعة لأنه إذا جاز في غير الإمام إذا اختار أن يفعل ذلك بأن ينظر في أماثل القوم فيعلم أنهم عشرة ثم ينظر في العشرة فيعلم أن أمثلهم خمسة ثم ينظر في واحد من الخمسة فما الذي يمنع من مثله في الإمام وهو في هذا الباب أقوى اختيارا لأن له أن يختار واحدا بعينه.
  ثم ذكر أنه إنما حصره في الجماعة الذين انتهى إليهم الفضل وجعله شورى بينهم ثم بين أن الانتقال من الستة إلى الأربعة ومن الأربعة إلى الثلاثة لا يكون متناقضا لأن الأقوال مختلفة وليست واحدة ولو كانت أيضا واحدة لكان كالرجوع وللإمام أن يرجع في مثل ذلك لأنه في حكم الوصية.
  قال وقولهم أنه كان يعلم أن عثمان وعليا لا يجتمعان وأن عبد الرحمن يميل إلى عثمان قلة دين لأن الأمور المستقبلة لا تعلم وإنما يحصل فيها أمارة قال والأمارات توجب أنه لم يكن فيهم حرص شديد على الإمامة بل الغالب من حالهم طلب الاتفاق والائتلاف والاسترواح إلى قيام الغير بذلك وإنما جعل عمر الأمر إلى عبد الرحمن عند الاختلاف لعلمه بزهده في الأمر وأنه لأجل ذلك أقرب أن يتثبت لأن الراغب