شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن التاسع

صفحة 258 - الجزء 12

  عن الشيء يحصل له من التثبت ما لا يحصل للراغب فيه ومن كانت هذه حاله كان القوم إلى الرضا به أقرب.

  وحكي عن أبي علي أن المخادعة إنما تظن بمن قصده في الأمور طريق الفساد وعمر بريء من ذلك.

  قال والضعف الذي وصف به عبد الرحمن إنما أراد به الضعف عن القيام بالإمامة لا ضعف الرأي ولذلك رد الاختيار والرأي إليه وحكي عن أبي علي ضعف ما روي من أمره بضرب أعناق القوم إذا تأخروا عن البيعة وأن ذلك لو صح لأنكره القوم ولم يدخلوا في الشورى بهذا الشرط ثم تأوله إذ سلم صحته على أنهم إن تأخروا عن البيعة على سبيل شق العصا وطلب الأمر من غير وجهه وقال ولا يمتنع أن يقول ذلك على طريق التهديد وإن بعد عنده أن يقدموا عليه كما قال تعالى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}⁣[الزمر: ٦٥].

  اعترض المرتضى هذا الكلام فقال إن الذي رتبه عمر في قصة الشورى من ترتيب العدد واتفاقه واختلافه يدل أولا على بطلان مذهب أصحاب الاختيار في عدد العاقدين للإمامة وأنه يتم بعقد واحد لغيره برضا أربعة وأنه لا يتم بدون ذلك فإن قصة الشورى تصرح بخلاف هذا الاعتبار فهذا أحد وجوه المطاعن فيها.

  ومن جملتها أنه وصف كل واحد منهم بوصف زعم أنه يمنع من الإمامة ثم جعل الأمر فيمن له تلك الأوصاف وقد روى محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن عبد الله الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال قال عمر لا أدري ما أصنع بأمة محمد ÷ وذلك قبل أن يطعن فقلت ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه