شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

روى أبو مخنف أيضا أن عمارا قال هذا البيت ذلك اليوم

صفحة 271 - الجزء 12

  قلت الكلام في الشورى والمطاعن فيها طويل جدا وقد ذكرت من ذلك في كتبي الكلامية وتعليقاتي ما قاله الناس وما لم أسبق إليه ولا يحتمل هذا الكتاب الإطالة باستقصاء ذلك لأنه ليس بكتاب حجاج ونظر ولكني أذكر منه نكتا يسيرة فأقول إن كانت أفعال عمر وأقواله قد تناقضت في واقعة الشورى كما زعم المرتضى | فكذلك أفعال أمير المؤمنين إن كان منصوصا عليه كما تقوله الإمامية قد تناقضت أيضا أما أولا فإن كان منصوصا عليه فكيف أدخل نفسه في الشورى المبنية على صحة الاختيار وعدم النص أليس هذا إيهاما ظاهرا لأكثر المسلمين خصوصا الضعفة منهم ومن لا نظر له في دقائق الأمور عنده أنه غير منصوص عليه فكيف يجوز له إضلال المكلفين وأن يوقع في نفوسهم عدم النص مع كون النص كان حاصلا.

  وأما عذر المرتضى عن هذا بأنه دخل في الشورى ليتمكن من الاحتجاج على أهل الشورى بمقاماته وفضائله فيقال له قد كان الدهر الأطول مخالطا لأهل الشورى وغيرهم مجتمعا معهم في المسجد وغيره من مواطن كل يوم بل كل ساعة فلا يجوز أن يقال دخل ليضمه وإياهم أو يظلهم سقف فيتمكن بذلك من ذكر مقاماته وفضائله بينهم لأن العاقل لا يجوز أن يرتكب أمرا يوهم القبيح ليفعل فعلا قد كان من قبله بثلاث عشرة سنة متمكنا من أن يفعله من غير أن يرتكب ذلك الأمر الموهم للقبيح وليت شعري من الذي كان يمنعه أيام أبي بكر وعمر من أن يذكر مقاماته وفضائله ويفتخر بها ولم أنفك # من ذكر فضائله والفخر بمناقبه في تلك المدة الطويلة وقد كان عمر وهو المعروف المشهور بالغلظة والفظاظة يذكر فضائله ويعترف بها فلست أرى لعذر المرتضى أصلا بهذا الوجه أو معنى.