شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر طرف من سيرة النبي # عند موته

صفحة 39 - الجزء 13

  واختلفوا في دفنه فقال قائل ندفنه في مسجده وقال قائل ندفنه في البقيع مع أصحابه وقال أبو بكر سمعت رسول الله ÷ يقول ما قبض نبي إلا ودفن حيث قبض فرفع فراش رسول الله الذي توفي فيه فحفر له تحته.

  قلت كيف اختلفوا في موضع دفنه وقد قال لهم فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري وهذا تصريح بأنه يدفن في البيت الذي جمعهم فيه وهو بيت عائشة فإما أن يكون ذلك الخبر غير صحيح أو يكون الحديث الذي تضمن أنهم اختلفوا في موضع دفنه وأن أبا بكر روى لهم أنه قال الأنبياء يدفنون حيث يموتون غير صحيح لأن الجمع بين هذين الخبرين لا يمكن.

  وأيضا فهذا الخبر ينافي ما ورد في موت جماعة من الأنبياء نقلوا من موضع موتهم إلى مواضع أخر وقد ذكر الطبري بعضهم في أخبار أنبياء بني إسرائيل.

  وأيضا فلو صح هذا الخبر لم يكن مقتضيا إيجاب دفن النبي ÷ حيث قبض لأنه ليس بأمر بل هو إخبار محض اللهم إلا أن يكونوا فهموا من مخرج لفظه # ومن مقصده أنه أراد الوصية لهم بذلك والأمر بدفنه حيث يقبض.

  قال أبو جعفر ثم دخل الناس فصلوا عليه أرسالا حتى إذا فرغ الرجال أدخل النساء حتى إذا فرغ النساء أدخل الصبيان ثم أدخل العبيد ولم يؤمهم إمام ثم دفن # وسط الليل من ليلة الأربعاء.

  قال أبو جعفر وقد روت عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول الله ÷ حتى سمعنا صوت المساحي في جوف الليل ليلة الأربعاء.