شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر طرف من سيرة النبي # عند موته

صفحة 40 - الجزء 13

  قلت وهذا أيضا من العجائب لأنه إذا مات يوم الإثنين وقت ارتفاع الضحى كما ذكر في الرواية ودفن ليلة الأربعاء وسط الليل فلم يمض عليه ثلاثة أيام كما ورد في تلك الرواية.

  وأيضا فمن العجب كون عائشة وهو في بيتها لا تعلم بدفنه حتى سمعت صوت المساحي أتراها أين كانت وقد سألت عن هذا جماعة فقالوا لعلها كانت في بيت يجاور بيتها عندها نساء كما جرت عادة أهل الميت وتكون قد اعتزلت بيتها وسكنت ذلك البيت لأن بيتها مملوء بالرجال من أهل رسول الله ÷ وغيرهم من الصحابة وهذا قريب ويحتمل أن يكون.

  قال الطبري ونزل في قبر رسول الله ÷ علي بن أبي طالب # والفضل بن عباس وقثم أخوه وشقران مولاهم وقال أوس بن خولي لعلي # أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله ÷ فقال له انزل فنزل مع القوم وأخذ شقران قطيفة كان رسول الله ÷ يلبسها فقذفها معه في القبر وقال لا يلبسها أحد بعده.

  قلت من تأمل هذه الأخبار علم أن عليا # كان الأصل والجملة والتفصيل في أمر رسول الله ÷ وجهازه ألا ترى أن أوس بن خولي لا يخاطب أحدا من الجماعة غيره ولا يسأل غيره في حضور الغسل والنزول في القبر ثم انظر إلى كرم علي # وسجاحة أخلاقه وطهارة شيمته كيف لم يضن بمثل هذه المقامات الشريفة عن أوس وهو رجل غريب من الأنصار فعرف له حقه وأطلبه بما طلبه فكم بين هذه السجية الشريفة وبين قول من قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت