231 - ومن خطبة له #
  الشواهد هاهنا يريد بها الحواس وسماها شواهد إما لحضورها شهد فلان كذا أي حضره أو لأنها تشهد على ما تدركه وتثبته عند العقل كما يشهد الشاهد بالشيء ويثبته عند الحاكم.
  والمشاهد هاهنا المجالس والنوادي يقال حضرت مشهد بني فلان أي ناديهم ومجتمعهم.
  ثم فسر اللفظة الأولى وأبان عن مراده بها بقوله ولا تراه النواظر وفسر اللفظة الثانية وأبان عن مرادها فقال ولا تحجبه السواتر.
  ثم قال الدال على قدمه بحدوث خلقه وبحدوث خلقه على وجوده هذا مشكل لأن لقائل أن يقول إذا دل على قدمه بحدوث خلقه فقد دخل في جملة المدلول كونه موجودا لأن القديم هو الموجود ولم يزل فأي حاجه إلى أن يعود فيقول وبحدوث خلقه على وجوده.
  ولمجيب أن يجيب على طريقة شيوخنا أصحاب أبي هاشم فيقول لا يلزم من الاستدلال بحدوث الأجسام على أنه لا بد من محدث قديم كونه موجودا لأن عندهم أن الذات المعدومة قد تتصف بصفات ذاتية وهي معدومة فلا يلزم من كون صانع العالم عندهم عالما قادرا حيا أن يكون موجودا بل لا بد من دلالة زائدة على أن له صفة الوجود وهي والدلالة التي يذكرونها من أن كونه قادرا عالما تقتضي تعلقه بالمقدور والمعلوم وكل ذات متعلقة فإن عدمها يخرجها عن التعلق كالإرادة فلو كان تعالى معدوما لم يجز أن يكون متعلقا فحدوث الأجسام إذا قد دل على أمرين من وجهين مختلفين أحدهما أنه لا بد من صانع له وهذا هو المعني بقدمه.