شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أشعار الشارح في المناجاة

صفحة 56 - الجزء 13

  فَتَعَالَى اَلَّذِي أَقَامَهَا عَلَى قَوَائِمِهَا وَبَنَاهَا عَلَى دَعَائِمِهَا لَمْ يَشْرَكْهُ فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ وَلَمْ يُعِنْهُ عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ وَلَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِهِ مَا دَلَّتْكَ اَلدَّلاَلَةُ إِلاَّ عَلَى أَنَّ فَاطِرَ اَلنَّمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ اَلنَّخْلَةِ لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْ ءٍ وَغَامِضِ اِخْتِلاَفِ كُلِّ حَيٍّ وَمَا اَلْجَلِيلُ وَاَللَّطِيفُ وَاَلثَّقِيلُ وَاَلْخَفِيفُ وَاَلْقَوِيُّ وَاَلضَّعِيفُ فِي خَلْقِهِ إِلاَّ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ اَلسَّمَاءُ وَاَلْهَوَاءُ وَاَلرِّيَاحُ وَاَلْمَاءُ فَانْظُرْ إِلَى اَلشَّمْسِ وَاَلْقَمَرِ وَاَلنَّبَاتِ وَاَلشَّجَرِ وَاَلْمَاءِ وَاَلْحَجَرِ وَاِخْتِلاَفِ هَذَا اَللَّيْلِ وَاَلنَّهَارِ وَتَفَجُّرِ هَذِهِ اَلْبِحَارِ وَكَثْرَةِ هَذِهِ اَلْجِبَالِ وَطُولِ هَذِهِ اَلْقِلاَلِ وَتَفَرُّقِ هَذِهِ اَللُّغَاتِ وَاَلْأَلْسُنِ اَلْمُخْتَلِفَاتِ فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ اَلْمُقَدِّرَ وَجَحَدَ اَلْمُدَبِّرَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ وَلاَ لاِخْتِلاَفِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا اِدَّعَوْا وَلاَ تَحْقِيقٍ لِمَا دَعَوْا أَوْعَوْا وَهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ جَانٍ مدخولة معيبة وفلق شق وخلق والبشر ظاهر الجلد.

  قوله # وصبت على رزقها قيل هو على العكس أي وصب رزقها عليها والكلام صحيح ولا حاجة فيه إلى هذا والمراد كيف همت حتى انصبت على رزقها انصبابا أي انحطت عليه ويروى وضنت على رزقها بالضاد المعجمة والنون أي بخلت وجحرها بيتها.