فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة
  حَدَقَتَيْنِ قَمْرَاوَيْنِ وَجَعَلَ لَهَا اَلسَّمْعَ اَلْخَفِيَّ وَفَتَحَ لَهَا اَلْفَمَ اَلسَّوِيَّ وَجَعَلَ لَهَا اَلْحِسَّ اَلْقَوِيَّ وَنَابَيْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ وَمِنْجَلَيْنِ بِهِمَا تَقْبِضُ يَرْهَبُهَا اَلزُّرَّاعُ فِي زَرْعِهِمْ وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ذَبَّهَا وَلَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِمْ حَتَّى تَرِدَ اَلْحَرْثَ فِي نَزَوَاتِهَا وَتَقْضِي مِنْهُ شَهَوَاتِهَا وَخَلْقُهَا كُلُّهُ لاَ يُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً فَتَبَارَكَ اَللَّهُ اَلَّذِي يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّمَوَاتِ وَاَلْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَيُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً وَوَجْهاً وَيُلْقِي إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ إِلَيْهِ سِلْماً وَضَعْفاً وَيُعْطِي لَهُ اَلْقِيَادَ رَهْبَةً وَخَوْفاً فَالطَّيْرُ مُسَخَّرَةٌ لِأَمْرِهِ أَحْصَى عَدَدَ اَلرِّيشِ مِنْهَا وَاَلنَّفَسِ وَأَرْسَى قَوَائِمَهَا عَلَى اَلنَّدَى وَاَلْيَبَسِ وَقَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وَأَحْصَى أَجْنَاسَهَا فَهَذَا غُرَابٌ وَهَذَا عُقَابٌ وَهَذَا حَمَامٌ وَهَذَا نَعَامٌ دَعَا كُلَّ طَائِرٍ بِاسْمِهِ وَكَفَلَ لَهُ بِرِزْقِهِ وَأَنْشَأَ اَلسَّحَابَ اَلثِّقَالَ فَأَهْطَلَ دِيَمَهَا وَعَدَّدَ قِسَمَهَا فَبَلَّ اَلْأَرْضُ بَعْدَ جُفُوفِهَا وَأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا قوله وأسرج لها حدقتين أي جعلهما مضيئتين كما يضيء السراج ويقال حدقة قمراء أي منيرة كما يقال ليلة قمراء أي نيرة بضوء القمر.
  وبهما تقرض أي تقطع والراء مكسورة.
  والمنجلان رجلاها شبههما بالمناجل لعوجهما وخشونتهما.
  ويرهبها يخافها ونزواتها وثباتها والجدب المحل