فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة
  الشمس وضوءها ومقدارها حاصلا لجرم القمر ويمكن أن يكون النبات الذي لا ساق له شجرا والشجر ذو الساق نباتا ويمكن أن يكون الماء صلبا والحجر مائعا ويمكن أن يكون زمان الليل مضيئا وزمان النهار مظلما ويمكن ألا تكون هذه البحار متفجرة بل تكون جبالا ويمكن ألا تكون هذه الجبال الكبيرة كبيرة ويمكن ألا تكون هذه القلال طويلة وكذلك القول في اللغات واختلافها وإذا كان كل هذا ممكنا فاختصاص الجسم المخصوص بالصفات والأعراض والصور المخصوصة لا يمكن أن يكون لمجرد الجسمية لتماثل الأجسام فيها فلا بد من أمر زائد وذلك الأمر الزائد هو المعني بقولنا صانع العالم.
  ثم سفه آراء المعطلة وقال إنهم لم يعتصموا بحجة ولم يحققوا ما وعوه أي لم يرتبوا العلوم الضرورية ترتيبا صحيحا يفضي بهم إلى النتيجة التي هي حق.
  ثم أخذ في الرد عليهم من طريق أخرى وهي دعوى الضرورة وقد اعتمد عليها كثير من المتكلمين فقال نعلم ضرورة أن البناء لا بد له من بان.
  ثم قال والجناية لا بد لها من جان وهذه كلمة ساقته إليها القرينة والمراد عموم الفعلية لا خصوص الجناية أي مستحيل أن يكون الفعل من غير فاعل والذين ادعوا الضرورة في هذه المسألة من المتكلمين استغنوا عن الطرق الأربع التي ذكرناها وأمير المؤمنين # اعتمد أولا على طريق واحدة ثم جنح ثانيا إلى دعوى الضرورة وكلا الطريقين صحيح: وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي اَلْجَرَادَةِ إِذْ خَلَقَ لَهَا عَيْنَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ وَأَسْرَجَ لَهَا