شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

232 - ومن خطبة له # في التوحيد

صفحة 71 - الجزء 13

  وهي قوله # وكل قائم فيما سواه معلول لأنها للأعراض خاصة فيدخل أحد مدلول الفقرتين في الأخرى فيختل النظم قلت يريد # بالفقرة الأولى كل معروف بنفسه من طريق المشاهدة مستقلا بذاته غير مفتقر في تقومه إلى غيره فهو مصنوع وهذا يختص بالأجسام خاصة ولا يدخل الألوان وغيرها من الأعراض فيه لأنها متقومة بمحالها.

  وخامسها قوله وكل قائم في سواه معلول أي وكل شيء يتقوم بغيره فهو معلول وهذا حق لا محالة كالأعراض لأنها لو كانت واجبة لاستغنت في تقومها عن سواها لكنها مفتقرة إلى المحل الذي يتقوم به ذواتها فإذا هي معلولة لأن كل مفتقر إلى الغير فهو ممكن فلا بد له من مؤثر.

  وسادسها قوله فاعل لا باضطراب آلة هذا لبيان الفرق بينه وبيننا فإننا نفعل بالآلات وهو سبحانه قادر لذاته فاستغنى عن الآلة.

  وسابعها قوله مقدر لا بجول فكرة هذا أيضا للفرق بيننا وبينه لأنا إذا قدرنا أجلنا أفكارنا وترددت بنا الدواعي وهو سبحانه يقدر الأشياء على خلاف ذلك.

  وثامنها قوله غني لا باستفادة هذا أيضا للفرق بيننا وبينه لأن الغني منا من يستفيد الغنى بسبب خارجي وهو سبحانه غني بذاته من غير استفادة أمر يصير به غنيا والمراد بكونه غنيا أن كل شيء من الأشياء يحتاج إليه وأنه سبحانه لا يحتاج إلى شيء من الأشياء أصلا.

  وتاسعها قوله لا تصحبه الأوقات هذا بحث شريف جدا وذلك لأنه سبحانه ليس بزمان ولا قابل للحركة فذاته فوق الزمان والدهر أما المتكلمون فإنهم يقولون