شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

232 - ومن خطبة له # في التوحيد

صفحة 72 - الجزء 13

  إنه تعالى كان ولا زمان ولا وقت وأما الحكماء فيقولون إن الزمان عرض قائم بعرض آخر وذلك العرض الآخر قائم بجسم معلول لبعض المعلولات الصادرة عنه سبحانه فالزمان عندهم وإن كان لم يزل إلا أن العلة الأولى ليست واقعة تحته وذلك هو المراد بقوله لا تصحبه الأوقات إن فسرناه على قولهم وتفسيره على قول المتكلمين أولى.

  وعاشرها قوله ولا ترفده الأدوات رفدت فلانا إذا أعنته والمراد الفرق بيننا وبينه لأننا مرفودون بالأدوات ولولاها لم يصح منا الفعل وهو سبحانه بخلاف ذلك.

  وحادي عشرها قوله سبق الأوقات كونه إلى آخر الفصل هذا تصريح بحدوث العالم.

  فإن قلت ما معنى قوله والعدم وجوده وهل يسبق وجوده العدم مع كون عدم العالم في الأزل لا أول له قلت ليس يعني بالعدم هاهنا عدم العالم بل عدم ذاته سبحانه أي غلب وجود ذاته عدمها وسبقها فوجب له وجود يستحيل تطرق العدم إليه أزلا وأبدا بخلاف الممكنات فإن عدمها سابق بالذات على وجودها وهذا دقيق: بِتَشْعِيرِهِ اَلْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ اَلْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ اَلْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ ضَادَّ اَلنُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَاَلْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ وَاَلْجُمُودَ بِالْبَلَلِ وَاَلْحَرُورَ بِالصَّرَدِ بِالصَّرْدِ