232 - ومن خطبة له # في التوحيد
  عن الآخر علمنا أنه لا قرين له سبحانه لأنه لو قارن شيئا على حسب هذه المقارنة لاستحال انفكاكه عنه فكان محتاجا في تحقق ذاته تعالى إليه وكل محتاج ممكن فواجب الوجود ممكن هذا محال.
  ثم شرع في تفصيل المتضادات فقال ضاد النور بالظلمة وهما عرضان عند كثير من الناس وفيهم من يجعل الظلمة عدمية.
  قال والوضوح بالبهمة يعني البياض والسواد.
  قال والجمود بالبلل يعني اليبوسة والرطوبة.
  قال والحرور بالصرد يعني الحرارة والبرودة والحرور هاهنا مفتوح الحاء يقال إني لأجد لهذا الطعام حرورا وحرورة في فمي أي حرارة ويجوز أن يكون في الكلام مضاف محذوف أي وحرارة الحرور بالصرد والحرور هاهنا يكون الريح الحارة وهي بالليل كالسموم بالنهار والصرد البرد.
  ثم قال وإنه تعالى مؤلف بين هذه المتباعدات المتعاديات المتباينات وليس المراد من تأليفه بينها جمعه إياها في مكان واحد كيف وذلك مستحيل في نفسه بل هو سبحانه مؤلف لها في الأجسام المركبة حتى خلع منها صورة مفردة هي المزاج ألا ترى أنه جمع الحار والبارد والرطب واليابس فمزجه مزجا مخصوصا حتى انتزع منه طبيعة مفردة ليست حارة مطلقة ولا باردة مطلقة ولا رطبة مطلقة ولا يابسة مطلقة وهي المزاج وهو محدود عند الحكماء بأنه كيفية حاصلة من كيفيات متضادة وهذا هو محصول كلامه # بعينه.
  والعجب من فصاحته في ضمن حكمته كيف أعطى كل لفظة من هذه اللفظات ما يناسبها ويليق بها فأعطى المتباعدات لفظة مقرب لأن البعد بإزاء القرب