شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

232 - ومن خطبة له # في التوحيد

صفحة 75 - الجزء 13

  وأعطى المتباينات لفظة مقارن لأن البينونة بإزاء المقارنة وأعطى المتعاديات لفظة مؤلف لأن الائتلاف بإزاء التعادي.

  ثم عاد # فعكس المعنى فقال مفرق بين متدانياتها فجعل الفساد بإزاء الكون وهذا من دقيق حكمته # وذلك لأن كل كائن فاسد فلما أوضح ما أوضح في الكون والتركيب والإيجاد أعقبه بذكر الفساد والعدم فقال مفرق بين متدانياتها وذلك لأن كل جسم مركب من العناصر المختلفة الكيفيات المتضادة الطبائع فإنه سيئول إلى الانحلال والتفرق.

  ثم قال لا يشمل بحد وذلك لأن الحد الشامل ما كان مركبا من جنس وفصل والباري تعالى منزه عن ذلك لأنه لو شمله الحد على هذا الوجه يكون مركبا فلم يكن واجب الوجود وقد ثبت أنه واجب الوجود ويجوز أن يعنى به أنه ليس بذي نهاية فتحويه الأقطار وتحده.

  ثم قال ولا يحسب بعد يحتمل أن يريد لا تحسب أزليته بعد أي لا يقال له منذ وجد كذا وكذا كما يقال للأشياء المتقاربة العهد ويحتمل أن يريد به أنه ليس مماثلا للأشياء فيدخل تحت العدد كما تعد الجواهر وكما تعد الأمور المحسوسة.

  ثم قال وإنما تحد الأدوات أنفسها وتشير الآلات إلى نظائرها هذا يؤكد معنى التفسير الثاني وذلك لأن الأدوات كالجوارح إنما تحد وتقدر ما كان مثلها من ذوات المقادير وكذلك إنما تشير الآلات وهي الحواس إلى ما كان نظيرا لها في الجسمية ولوازمها والباري تعالى ليس بذي مقدار ولا جسم ولا حال في جسم فاستحال أن تحده الأدوات وتشير إليه الآلات