شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

232 - ومن خطبة له # في التوحيد

صفحة 76 - الجزء 13

  مَنَعَتْهَا مُنْذُ اَلْقِدْمَةَ وَحَمَتْهَا قَدْ اَلْأَزَلِيَّةَ وَجَنَّبَتْهَا لَوْلاَ اَلتَّكْمِلَةَ بِهَا تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وَبِهَا اِمْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ اَلْعُيُونِ وَلاَ يَجْرِي تَجْرِي عَلَيْهِ اَلْحَرَكَةُ وَاَلسُّكُونُ اَلسُّكُونُ وَاَلْحَرَكَةُ وَكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَيَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَيَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَلَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَلاَمْتَنَعَ مِنَ اَلْأَزَلِ مَعْنَاهُ وَلَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَلاَلْتَمَسَ اَلتَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ اَلنُّقْصَانُ وَإِذاً لَقَامَتْ آيَةُ اَلْمَصْنُوعِ فِيهِ وَلَتَحَوَّلَ دَلِيلاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولاً عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِسُلْطَانِ اَلاِمْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِهِ قد اختلف الرواة في هذا الموضع من وجهين أحدهما قول من نصب القدمة والأزلية والتكملة فيكون نصبها عنده على أنها مفعول ثان والمفعول الأول الضمائر المتصلة بالأفعال وتكون منذ وقد ولو لا في موضع رفع بأنها فاعلة وتقدير الكلام أن إطلاق لفظة منذ على الآلات والأدوات يمنعها عن كونها قديمة لأن لفظة منذ وضعت لابتداء الزمان كلفظة من لابتداء المكان والقديم لا ابتداء له وكذلك إطلاق لفظة قد على الآلات والأدوات تحميها وتمنعها من كونها أزلية لأن قد لتقريب الماضي من الحال تقول قد قام زيد فقد دل على أن قيامه قريب من الحال التي أخبرت فيها