شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

238 - ومن خطبة له # ومن الناس من يسمي هذه الخطبة بالقاصعة

صفحة 161 - الجزء 13

  والمجاهد جمع مجهدة وهي المشقة.

  وأبوابا فتحا أي مفتوحة وأسبابا ذللا أي سهلة.

  واعلم أن محصول هذا الفصل أنه كلما كانت العبادة أشق كان الثواب عليها أعظم ولو أن الله تعالى جعل العبادات سهلة على المكلفين لما استحقوا عليها من الثواب إلا قدرا يسيرا بحسب ما يكون فيها من المشقة اليسيرة.

  فإن قلت فهل كان البيت الحرام موجودا أيام آدم # ثم أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه قلت نعم هكذا روى أرباب السير وأصحاب التواريخ

  روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه عن ابن عباس أن الله تعالى أوحى إلى آدم لما أهبطه إلى الأرض أن لي حرما حيال عرشي فانطلق فابن لي بيتا فيه ثم طف به كما رأيت ملائكتي تحف بعرشي فهنالك أستجيب دعاءك ودعاء من يحف به من ذريتك فقال آدم إني لست أقوى على بنائه ولا أهتدي إليه فقيض الله تعالى له ملكا فانطلق به نحو مكة وكان آدم في طريقه كلما رأى روضة أو مكانا يعجبه سأل الملك أن ينزل به هناك ليبني فيه فيقول الملك إنه ليس هاهنا حتى أقدمه مكة فبنى البيت من خمسة جبال طور سيناء وطور زيتون ولبنان والجودي وبنى قواعده من حراء فلما فرغ خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك كلها التي يفعلها الناس اليوم ثم قدم به مكة وطاف بالبيت أسبوعا ثم رجع إلى أرض الهند فمات.

  وروى الطبري في التاريخ أن آدم حج من أرض الهند إلى الكعبة أربعين حجة على رجليه.