شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

238 - ومن خطبة له # ومن الناس من يسمي هذه الخطبة بالقاصعة

صفحة 172 - الجزء 13

  لقائل أن يقول ما نعرف أحدا من بني إسحاق وبني إسرائيل احتازتهم الأكاسرة والقياصرة عن ريف الآفاق إلى البادية ومنابت الشيح إلا أن يقال يهود خيبر والنضير وبني قريظة وبني قينقاع وهؤلاء نفر قليل لا يعتد بهم ويعلم من فحوى الخطبة أنهم غير مرادين بالكلام ولأنه # قال تركوهم إخوان دبر ووبر وهؤلاء لم يكونوا من أهل الوبر والدبر بل من أهل المدر لأنهم كانوا ذوي حصون وآطام والحاصل أن الذين احتازتهم الأكاسرة والقياصرة من الريف إلى البادية وصاروا أهل وبر ولد إسماعيل لا بنو إسحاق وبنو إسرائيل والجواب أنه # ذكر في هذه الكلمات وهي قوله فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل المقهورين والقاهرين جميعا أما المقهورون فبنو إسماعيل وأما القاهرون فبنو إسحاق وبنو إسرائيل لأن الأكاسرة من بني إسحاق ذكر كثير من أهل العلم أن فارس من ولد إسحاق والقياصرة من ولد إسحاق أيضا لأن الروم بنو العيص بن إسحاق وعلى هذا يكون الضمير في أمرهم وتشتتهم وتفرقهم يرجع إلى بني إسماعيل خاصة.

  فإن قلت فبنو إسرائيل أي مدخل لهم هاهنا قلت لأن بني إسرائيل لما كانوا ملوكا بالشام في أيام أجاب الملك وغيره حاربوا العرب من بني إسماعيل غير مرة وطردوهم عن الشام وألجئوهم على المقام ببادية الحجاز ويصير تقدير الكلام فاعتبروا بحال ولد إسماعيل مع بني إسحاق وبني إسرائيل فجاء بهم في صدر الكلام على العموم ثم خصص فقال الأكاسرة والقياصرة وهم داخلون في عموم ولد إسحاق وإنما لم يخصص عموم بني إسرائيل لأن العرب لم تكن تعرف ملوك