فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات
  السنين فوجه إليهم أخاه الريان بن المنذر وجل من معه من بكر بن وائل فاستاق النعم وسبى الذراري وفي ذلك يقول بعض بني يشكر:
  لما رأوا راية النعمان مقبلة ... قالوا ألا ليت أدنى دارنا عدن
  يا ليت أم تميم لم تكن عرفت ... مرا وكانت كمن أودى به الزمن
  إن تقتلونا فأعيار مخدعة ... أو تنعموا فقديما منكم المنن
  منكم زهير وعتاب ومحتضن ... وابنا لقيط وأودى في الوغى قطن
  فوفدت بنو تميم إلى النعمان واستعطفوه فرق عليهم وأعاد عليهم السبي وقال كل امرأة اختارت أباها ردت إليه وإن اختارت صاحبها تركت عليه فكلهن اخترن آباءهن إلا ابنة قيس بن عاصم فإنها اختارت من سباها وهو عمرو بن المشمرخ اليشكري فنذر قيس بن عاصم المنقري التميمي ألا يولد له بنت إلا وأدها والوأد أن يخنقها في التراب ويثقل وجهها به حتى تموت ثم اقتدى به كثير من بني تميم قال سبحانه {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩}[التكوير: ٨ - ٩] أي على طريق التبكيت والتوبيخ لمن فعل ذلك أو أجازه كما قال سبحانه يا عِيسَى {ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[المائدة: ١١٦].
  و من جيد شعر الفرزدق قوله في هجاء جرير:
  ألم تر أنا بني دارم ... زرارة منا أبو معبد
  ومنا الذي منع الوائدات ... وأحيا الوليد فلم يوأد
  ألسنا بأصحاب يوم النسار ... وأصحاب ألوية المربد