استدلال قاضي القضاة على إمامة أبي بكر ورد المرتضى عليه
  في غزاة تبوك إلى قوم أولي بأس شديد ولم يخرجوا مع رسول الله ÷ ولا حاربوا معه عدوا.
  فإن قلت إذا خرجوا مع أسامة فكأنما خرجوا مع رسول الله وإذا حاربوا مع أسامة العدو فكأنما حاربوا مع رسول الله ÷ وقد كان سبق أنهم لا يخرجون مع رسول الله ÷ ولا يحاربون معه عدوا قلت وإذا خرجوا مع خالد بن الوليد وغيره في أيام أبي بكر ومع أبي عبيدة وسعد في أيام عمر فكأنما خرجوا مع رسول الله ÷ وحاربوا العدو معه أيضا.
  فإن اعتذرت بأنه وإن شابه الخروج معه والحرب معه إلا أنه على الحقيقة ليس معه وإنما هو مع امرئ من قبل خلفائه قيل لك وكذلك خروجهم مع أسامة ومحاربة العدو معه وإن شابه الخروج مع النبي ومحاربة العدو معه إلا أنه على الحقيقة ليس معه وإنما هو مع بعض أمرائه.
  ويمكن أن يعترض الاستدلال بالآية فيقال لا يجوز حملها على بني حنيفة لأنهم كانوا مسلمين وإنما منعوا الزكاة مع قولهم لا إله إلا الله محمد رسول الله ÷ ومنع الزكاة لا يخرج به الإنسان عن الإسلام عند المرجئة والإمامية مرجئة ولا يجوز حملها على فارس والروم لأنه تعالى أخبر أنه لا واسطة بين قتالهم وإسلامهم كما تقول إما كذا وإما كذا فيقتضي ذلك نفي الواسطة وقتال فارس والروم بينه وبين إسلامهم واسطة وهو دفع الجزية وإنما تنتفي هذه الواسطة في قتال العرب لأن مشركي العرب لا تؤخذ منهم الجزية فالآية إذن دالة على أن المخلفين سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد الحكم فيهم إما قتالهم وإما إسلامهم وهؤلاء هم مشركو العرب ولم يحارب مشركي العرب إلا رسول الله ÷ فالداعي لهم إذا هو رسول الله وبطل الاستدلال بالآية