شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الفصل الأول إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب

صفحة 57 - الجزء 14

  الشيخ لا تزالون تتوثبون عليه في جواره من بين قومه أما والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه فيما قام فيه حتى يبلغ ما أراد فقالوا بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة فقاموا فانصرفوا وكان وليا لهم ومعينا على رسول الله ÷ وأبي طالب فاتقوه وخافوا أن تحمله الحمية على الإسلام فطمع فيه أبو طالب حيث سمعه قال ما قال وأمل أن يقوم معه في نصرة رسول الله ÷ فقال يحرضه على ذلك:

  وإن امرأ أبو عتيبة عمه ... لفي معزل من أن يسام المظالما

  ولا تقبلن الدهر ما عشت خطة ... تسب بها أما هبطت المواسما

  أقول له وأين منه نصيحتي ... أبا عتبة ثبت سوادك قائما

  وول سبيل العجز غيرك منهم ... فإنك لم تخلق على العجز لازما

  وحارب فإن الحرب نصف ولن ترى ... أخا الحرب يعطى الخسف حتى يسالما

  كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... ولما تروا يوما من الشعب قائما

  وقال يخاطب أبا لهب أيضا:

  عجبت لحلم يا ابن شيبة عازب ... وأحلام أقوام لديك سخاف

  يقولون شايع من أراد محمدا ... بظلم وقم في أمره بخلاف

  أضاميم إما حاسد ذو خيانة ... وإما قريب عنك غير مصاف

  فلا تركبن الدهر منه ذمامة ... وأنت امرؤ من خير عبد مناف

  ولا تتركنه ما حييت لمعظم ... وكن رجلا ذا نجدة وعفاف

  يذود العدا عن ذروة هاشمية ... إلافهم في الناس خير إلاف

  فإن له قربى لديك قريبة ... وليس بذي حلف ولا بمضاف

  ولكنه من هاشم ذي صميمها ... إلى أبحر فوق البحور طواف