شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب

صفحة 76 - الجزء 14

  ومن شعره المناسب لهذا المعنى قوله:

  إن عليا وجعفرا ثقتي ... عند ملم الزمان والنوب

  لا تخذلا وانصرا ابن عمكما ... أخي لأمي من بينهم وأبي

  والله لا أخذل النبي ولا ... يخذله من بني ذو حسب

  قالوا وقد جاءت الرواية أن أبا طالب لما مات جاء علي # إلى رسول الله ÷ فآذنه بموته فتوجع عظيما وحزن شديدا ثم قال له امض فتول غسله فإذا رفعته على سريره فأعلمني ففعل فاعترضه رسول الله ÷ وهو محمول على رءوس الرجال فقال وصلتك رحم يا عم وجزيت خيرا فلقد ربيت وكفلت صغيرا ونصرت وآزرت كبيرا ثم تبعه إلى حفرته فوقف عليه فقال أما والله لأستغفرن لك ولأشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان.

  قالوا والمسلم لا يجوز أن يتولى غسل الكافر ولا يجوز للنبي أن يرق لكافر ولا أن يدعو له بخير ولا أن يعده بالاستغفار والشفاعة وإنما تولى علي # غسله لأن طالبا وعقيلا لم يكونا أسلما بعد وكان جعفر بالحبشة ولم تكن صلاة الجنائز شرعت بعد ولا صلى رسول الله ÷ على خديجة وإنما كان تشييع ورقة ودعاء.

  قالوا ومن شعر أبي طالب يخاطب أخاه حمزة وكان يكنى أبا يعلى:

  فصبرا أبا يعلى على دين أحمد ... وكن مظهرا للدين وفقت صابرا

  وحط من أتى بالحق من عند ربه ... بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا

  فقد سرني إذ قلت إنك مؤمن ... فكن لرسول الله في الله ناصرا