شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الفصل الثالث قصة غزوة بدر

صفحة 96 - الجزء 14

  النفير يعتبر بك غيرك من قومك فاخرج أو ابعث رجلا فقال واللات والعزى لا أخرج ولا أبعث أحدا فجاءه أبو جهل فقال أقم يا أبا عتبة فو الله ما خرجنا إلا غضبا لدينك ودين آبائك وخاف أبو جهل أن يسلم أبو لهب فسكت أبو لهب ولم يخرج ولم يبعث وما منع أبا لهب أن يخرج إلا الإشفاق من رؤيا عاتكة كان يقول إنما رؤيا عاتكة أخذ باليد ويقال إنه بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة وكان له عليه دين فقال اخرج وديني عليك لك فخرج عنه.

  وقال محمد بن إسحاق في المغازي كان دين أبي لهب على العاص بن هشام أربعة آلاف درهم فمطله بها وأفلس فتركها له على أن يكون مكانه فخرج مكانه.

  قال الواقدي وأخرج عتبة وشيبة دروعا لهما فنظر إليهما مولاهما عداس وهما يصلحان دروعهما وآلة حربهما فقال ما تريدان فقالا ألم تر إلى الرجل الذي أرسلناك إليه بالعنب في كرمنا بالطائف قال نعم قالا نخرج فنقاتله فبكى وقال لا تخرجا فو الله إنه لنبي فأبيا فخرجا وخرج معهما فقتل ببدر معهما.

  قلت حديث العنب في كرم ابني ربيعة بالطائف قد ذكره أرباب السيرة وشرحه الطبري في التاريخ قال لما مات أبو طالب بمكة طمعت قريش في رسول الله ÷ ونالت منه ما لم تكن تناله في حياة أبي طالب فخرج من مكة خائفا على نفسه مهاجرا إلى ربه يؤم الطائف راجيا أن يدعو أهلها إلى الإسلام فيجيبوه وذلك في شوال من سنة عشر من النبوة فأقام بالطائف عشرة أيام وقيل شهرا لا يدع أحدا من أشراف ثقيف إلا جاءه وكلمه فلم يجيبوه وأشاروا عليه أن يخرج عن أرضهم ويلحق بمجاهل الأرض وبحيث لا يعرف وأغروا به سفهاءهم فرموه بالحجارة حتى إن رجليه لتدميان فكان معه زيد بن حارثة فكان يقيه بنفسه حتى لقد شج في رأسه.