شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة

صفحة 173 - الجزء 14

  منكم قابلا عدتهم قالوا بل نأخذ الفدية ونستعين بها ويستشهد منا من يدخل الجنة فقبل منهم الفداء وقتل من المسلمين قابلا عدتهم بأحد.

  قلت لو كان هذا الحديث صحيحا لما عوتبوا فقيل لهم {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}⁣[الأنفال: ٦٧] ثم قال {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٦٨}⁣[الأنفال: ٦٨] لأنه إذا كان خيرهم فقد أباحهم أخذ الفداء وأخبرهم أنه حسن فلا يجوز فيما بعد أن ينكره عليهم ويقول إنه قبيح قال الواقدي لما حبس الأسرى وجعل عليهم شقران مولى رسول الله ÷ طمعوا في الحياة فقالوا لو بعثنا إلى أبي بكر فإنه أوصل قريش لأرحامنا فبعثوا إلى أبي بكر فأتاهم فقالوا يا أبا بكر إن فينا الآباء والأبناء والإخوان والعمومة وبني العم وأبعدنا قريب كلم صاحبك فليمن علينا ويفادنا فقال نعم إن شاء الله لا آلوكم خيرا ثم انصرف إلى رسول الله ÷ قالوا وابعثوا إلى عمر بن الخطاب فإنه من قد علمتم ولا يؤمن أن يفسد عليكم لعله يكف عنكم فأرسلوا إليه فجاءهم فقالوا له مثل ما قالوا لأبي بكر فقال لا آلوكم شرا ثم انصرف إلى النبي ÷ فوجد أبا بكر عنده والناس حوله وأبو بكر يلينه ويغشاه ويقول يا رسول الله بأبي أنت وأمي قومك فيهم الآباء والأبناء والعمومة والإخوان وبنو العم وأبعدهم عنك قريب فامنن عليهم من الله عليك أو فادهم قوة للمسلمين فلعل الله يقبل بقلوبهم إليك ثم قام فتنحى ناحية وسكت رسول الله ÷ فلم يجبه فجاء عمر فجلس مجلس أبي بكر فقال يا رسول الله هم أعداء الله كذبوك