القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة
  أبي هريرة قال بعث رسول الله ÷ سرية أنا فيها إلى عير لقريش فيها متاع لهم وناس منهم فقال إن ظفرتم بهبار بن الأسود ونافع بن عبد قيس فحرقوهما بالنار حتى إذا كان الغد بعث فقال لنا إني كنت قد أمرتكم بتحريق الرجلين إن أخذتموهما ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله تعالى فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما ولا تحرقوهما.
  قلت لقائل من المجبرة أن يقول أليس هذا نسخ الشيء قبل تقضي وقت فعله وأهل العدل لا يجيزون ذلك وهذا السؤال مشكل ولا جواب عنه إلا بدفع الخبر أما بتضعيف أحد من رواته أو إبطال الاحتجاج به لكونه خبر واحد أو بوجه آخر وهو أن نجيز للنبي الاجتهاد في الأحكام الشرعية كما يذهب إليه كثير من شيوخنا وهو مذهب القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ومثل هذا الخبر حديث براءة وإنفاذها مع أبي بكر وبعث علي # فأخذها منه في الطريق وقرأها على أهل مكة بعد أن كان أبو بكر هو المأمور بقراءتها عليهم.
  فأما البلاذري فإنه روى أن هبار بن الأسود كان ممن عرض لزينب بنت رسول الله ÷ حين حملت من مكة إلى المدينة فكان رسول الله ÷ يأمر سراياه إن ظفروا به أن يحرقوه بالنار ثم قال لا يعذب بالنار إلا رب النار وأمرهم إن ظفروا به أن يقطعوا يديه ورجليه ويقتلوه فلم يظفروا به حتى إذا كان يوم الفتح هرب هبار ثم قدم على رسول الله ÷ بالمدينة ويقال أتاه بالجعرانة حين فرغ من أمر حنين فمثل بين يديه وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبل إسلامه وأمر ألا يعرض له وخرجت سلمى مولاة رسول الله ÷